قراءة تحليلية لمقال الفريق سلطان السامعي "لله ثم للرئيس"
لم يكن الفريق سلطان السامعي يومًا تابعًا لأي سلطة، ولذلك ظلّ هدفًا دائمًا لحملات التخوين والتشويه، من السلطة بالأمس كما هو الحال اليوم. ففي حرب صعدة، رفض التوقيع على سحب الحصانة من النائب يحيى بدر الدين الحوثي، ورفض أن يكون شاهد زور على ما وصفه بوضوح: "حرب ظالمة على أبناء صعدة".
حينها أُلصقت به تهم "الإمامية والكهنوت والرجعية"، لا لشيء إلا لأنه قال كلمة حق في وجه سلطة اختارت الحرب بدل الحكمة.
واليوم، تُعاد نفس الأسطوانة، ولكن بوجوه جديدة. فحين دعا السامعي إلى القبض على قتلة الشيخ صالح حنتوس في ريمة، والتحقيق ومحاكمة الجناة، انهالت عليه التهم مجددًا: "تابع للعليمي"، "عميل للموساد"، و"خارج عن الهوية الإيمانية".
الفرق الوحيد بين الأمس واليوم هو تغيير الغلاف، أما المنهج فهو ذاته: شيطنة كل صوت لا يصفق ولا يصمت.
◾من "لله ثم للرئيس" إلى "دم ريمة": جوهر واحد
في فبراير 2007، كتب السامعي مقاله الشهير "لله ثم للرئيس"، موجّهًا فيه صرخة تحذير من أن حرب صعدة لن تُسكت صوتًا ولن تُطفئ شعارًا، بل ستفتح بوابة جحيم على اليمن واليمنيين. دعا فيه إلى التوقف عن نزيف الدم، وسأل بوضوح:"هل تستطيع الحرب أن تقتلع الأفكار من عقول الناس؟ الجواب: لا."
واليوم، بعد قرابة عقدين، يتكرر المشهد. لكن بدل صعدة، صرخة السامعي هذه المرة جاءت من ريمة، حيث قتل الشيخ صالح حنتوس بدمٍ بارد. لم يصمت، بل خاطب وزير الداخلية داعيًا إلى:
ضبط الجناة.
فتح تحقيق عادل.
منع التمادي في قتل الأبرياء بلا محاسبة.
◾ثبات في المبدأ.. وقراءة مبكرة لانهيار أنظمة المنطقة
في مقاله القديم، لم يكن السامعي يحذر فقط من الحرب في صعدة، بل من الزلزال القادم في العالم العربي، قائلاً:
"لقد اختل توازن القوى في العالم، واندلعت الحروب، ووقعنا – كعرب ومسلمين – في فخ الضعف والهوان."
وأضاف في رؤية استشرافية صادمة:
"لا أستبعد سقوط كثير من العروش في عالمنا العربي، كما لا أستبعد أن نصبح كالهنود الحمر، أقليات مسحوقة في أوطاننا بعد أن يتم إبادة أغلبيتنا ثقافيًا وسياسيًا."
◾وهل كان مخطئًا؟
سقط نظام مبارك في مصر.
احترقت ليبيا بعد القذافي.
سقط نظام بن علي في تونس.
دخلت سوريا في حرب أهلية طاحنة.افضت إلى سيطرة ما تسمى قوى المعارضة
تفكك اليمن إلى أطراف متصارعة.
انقسم السودان، ثم انفجر من الداخل.
كل ما حذّر منه السامعي تحقق، والدرس لا يزال قائمًا: الدم إذا أُهين، فكل شيء يُهان.
◾رسالة مفتوحة من السامعي إلى ضمير الدولة
في مقاله القديم، خاطب الرئيس السابق بالقول:"شدّوها أرخيتها... لا تقطعها، فربما تقطيعها يكون بداية لانفراط الوطن."
واليوم يخاطب كل من يملك سلطة أو قرارًا أو ضميرًا:"لا تستهينوا بالدم. لا تستهينوا بالكرامة. فإن الشعوب لا تصبر إلى ما لا نهاية."
◾الخلاصة: بين صعدة وريمة... رجل واحد وقضية واحدة
سلطان السامعي لم يتغير. لم يبدّل موقفه، ولم يساوم على دماء الناس.
بالأمس دعا إلى الحوار بدل الحرب.
واليوم يدعو إلى العدالة بدل الفوضى.
وغدًا… سيظل صوته شاهدًا على زمن اختلطت فيه مفاهيم الوطنية بالخيانة، والمبادئ بالتهم الجاهزة.
فهل يسمع أحد؟
{وتلك الأيام نداولها بين الناس..}